بيان منظمة البديل الشيوعي في العراق
يمر ما يقارب من عام كامل على حرب الإبادة الجماعية المستمرة لحكومة إسرائيل والمؤسسة الصهيونية الحاكمة وقواتها العسكرية على الفلسطينيين في قطاع غزة، وعلى المجازر المتواصلة في الضفة الغربية وجنوب لبنان دون توقف، سوى لأيام قلائل، وذلك على خلفية الهجوم الارهابي لحماس على مواطني إسرائيل في السابع من أكتوبر2023.
لم تقف حكومة نتانياهو الفاشية الدينية -القومية عند ارتكاب جريمة حرب الإبادة في غزة، وعند هجماتها الدموية المستمرة على الضفة الغربية وجنوب لبنان فحسب، انما طالت ايديها، وخلال عملياتها الإرهابية، لتصفية قادة ونشاطي حركة حماس وحزب الله اللبناني وغيرهم، لتصل الى سكان مدنيين في احياء وشوارع المدن في دول المنطقة؛ لبنان وسوريا والعراق وايران، مدمرة البنايات والبيوت على رؤوس ساكنيها.
وفي آخر ما ارتكبتها إسرائيل من جرائم إرهاب الدولة، وفي سياق ضرباتها الصاروخية والجوية الأخيرة المكثفة على جنوب لبنان ومواقع حزب الله، والتي راح ضحيتها مئات الأشخاص المدنيين، وآلاف الجرحى واكثر من مليون نازح، قامت كذلك بقتل حسن نصرالله، الأمين العام لهذا الحزب، عن طريق غارة جوية على الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، وذلك يوم الجمعة 27 أيلول 2024.
من المعلوم، ان إسرائيل لم تكن قادرة على القيام بهذه المجازر والاعمال الإرهابية، لولا الدعم الكامل للرأسمالية الامبريالية الامريكية والغربية لها من جميع النواحي، العسكرية والمالية والدبلوماسية والمخابراتية، هذا عدا عن الدفاع عنها في الأمم المتحدة والمؤسسات البرجوازية العالمية والإقليمية. ان ما يجري في فلسطين والشرق الأوسط من مجازر ودمار هي حرب إسرائيلية أمريكية مشتركة بامتياز، يقوم بها الجيش الاسرائيلي ومختلف مؤسسات إسرائيل الإستخبارية بأسلحة وأدوات وأموال امريكية.
وتلك هي، وبالرغم من سماتها المحلية، تشكل احدى تجليات الازمة الرأسمالية العالمية واشتداد صراع اقطابها الجيو سياسي والاستراتيجي المتزايد بينها، والذي اتخذ، في منطقة الشرق الأوسط، شكل هذه الحرب المدمرة المأسوية التي تشنها أمريكا وإسرائيل بوجه خصومهما الاقليميين والعالميين.
ان استمرار دولة إسرائيل كدولة قومية دينية عنصرية استيطانية، وإعادة انتاجها بهذا الشكل الفاشي، عن طريق الحروب وإرهاب الدولة وادامتها كدولة محتلة للأراضي الفلسطينية ومناطق البلدان المجاورة، وفرض المآسي على أجيال متتالية من الفلسطينيين، هو السبب الأول لكل المآسي التي تعيشها الجماهير في فلسطين، وهو الذي يُغذي ولا يزال تيارات الإسلام السياسي الغارقة في الرجعية بمختلف اصنافها الشيعية والسنية، والحركات القومية العنصرية في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، ويعيش عليه بالذات النظام الإيراني والأحزاب الميليشية التابعة له في لبنان وسوريا والعراق واليمن بالدرجة الأساس، ويساعد هذا النظام على تشديد قبضته على جماهير ايران والمنطقة.
ان مقاومة الجماهير المضطهدة في فلسطين بشتى الاشكال السياسية، بوجه كل هذه المجازر وهذه الفاشية لدولة إسرائيل كانت مستمرة منذ البدء ولم تتوقف، وتحولت في فترات معينة الى انتفاضات شعبية عارمة ومؤثرة. غير ان ذلك لم يؤدِ الى سد الطريق امام تيارات الإسلام السياسي والقوميين ومساعيهما المستمرة لاستغلال هذه المقاومة الجماهيرية ومشاعر الجماهير المناهضة لإسرائيل، خدمة لاستراتيجيتها في السيطرة على مقدرات الطبقة العاملة والجماهير المضطهدة والنساء داخل فلسطين وبلدان المنطقة.
وان مجمل هذا الوضع المأساوي أدى على تعميق الشقاق المتزايد باستمرار بين صفوق الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في فلسطين وإسرائيل وبلدان المنطقة، بحيث وَضَعَ عراقيل جدية امام العمل النضالي البروليتاري الطبقي الموحد على صعيد المنطقة بوجه كل من النظام الإسرائيلي وهذه القوى الإسلامية والقومية.
غير ان الطبقة العاملة العالمية والتحررين في بلدان العالم العديدة لم ينتظروا، بل تصدوا، ولا يزالون، بكل حزم وبشكل اممي، لهذه الجرائم الاسرائيلية حيث رفع عشرات الملايين من سكان الكرة الأرضية اصواتهم بالضد من هذه الحرب الاجرامية لإسرائيل على غزة، وبالأخص في امريكا والدول الأوروبية، مطالبين بإنهاء هذه الحرب، والتوصل الى سلام دائم.
ان الأوهام التي تخلقها على الدوام البرجوازية الحاكمة في إسرائيل ودول المنطقة داخل أوساط الجماهير، تستهدف الى عدم بلورة النضال البروليتاري الموحد في المنطقة على أساس المصالح الطبقية المستقلة، بعيدا عن البرجوازية الحاكمة وتياراتها السياسية القومية والدينية، ودون تمحور هذا النضال حول البرنامج والافاق البروليتارية الاشتراكية والأممية. فمن مهام البروليتاريا الشيوعية الملحة، هي النضال بكل حزم ضد هذه الأوهام والاقدام فعلا على تحقيق هذا النضال الاشتراكي الاممي وتطويره باستمرار. والذي يشكل طريق الخلاص الجذري والوحيد للطبقة وسائر المضطهدين.
ان منظمة البديل الشيوعي في العراق تناضل بحزم في صف نضالي واحد مع الطبقة العاملة في العراق والمنطقة والبروليتاريا العالمية والاشتراكين الثوريين، وكل التحررين، بوجه هذه الحرب الاجرامية للنظام الإسرائيلي، واعماله الإرهابية في بلدان المنطقة، وتناضل معهم من اجل ايقافها الفوري وعدم السماح بجر المنطقة الى حرب إقليمية كارثية.
كما وتناضل بثبات من اجل ان تُنظِم الطبقة العاملة والكادحين في العراق والمنطقة صف نضالها الطبقي المستقل حول آفاق وبرنامج شيوعي ثوري واممي بوجه البرجوازية الحاكمة وتياراتها الدينية والقومية و الليبرالية.
منظمة البديل الشيوعي في العراق
29 أيلول 2024