مقابر منسية لنساء ضحايا جرائم” الشرف”

إقليم كوردستان

تقرير أعده للغد الاشتراكي – عبدالله صالح

عندما يتوجه الناس كعادتهم صبيحة أيام الجمعة الى (مقبرة سيوان) في مدينة السليمانية، يُشاهد، وفي زاوية معزولة من المقبرة، قبور نساء بلا أسماء!! أو كُتب على شواهد القبور كلمة ( حياة )، هؤلاء قُتلنَ أو أُحرقنَ أو خُنقنَ من قبل ذويهن بذريعة ” الأخلال بالشرف ” الذكوري، وذلك لمجرد أن أحببن أوعَشقنَ، أو كُنّ ناشطات في شبكات التواصل الاجتماعي، أو لاختيارهن شريك الحياة دون رضى الأهل، أو لهروبهن من الزواج القسري أو حاولن كسر أغلال العادات والتقاليد الرجعية. فهؤلاء يُدفَننَّ دون ذكر أي تفاصيل عنهنْ، مجهولات الهوية، وتتم مراسيم الدفن سرأً خشية ملاحقتهن من قبل ذويهن حتى في القبر!! 

تتحدث الناشطة في مجال حقوق المرأة ( روزكار إبراهيم ) والتي تعمل منذ سنوات على إنهاء ظاهرة تجهيل المدفونات في المقبرة لوكالة فرانس برس قائلة: (لا يجوز دفن أي شخص سواء كان امرأة أو طفلًا أو رجلًا، بلا اسم). وتشير، خلال تواجدها في المقبرة، إلى ثلاثة قبور خلفها وتروي قصة رجل وامرأة وطفل مدفونين فيها، قائلة: (أحبّ الرجل والمرأة بعضهما وأنجبا طفلًا “غير شرعي” وهربا معا). وتضيف : (ألقى أقاربهما القبض عليهم على الحدود وأُعيدوا قسرا إلى إقليم كوردستان حيث قُتلوا).

هناك احصائيات صادمة لهذه الأوضاع في إقليم كوردستان، ففي حديث لأحد حفار القبور ويدعى( عثمان صالح) لوكالة فرانس برس، بأنه، وعلى مدار خمسة عشر عاما، تم دفن ( مئتي) امرأة وفتاة تراوحت أعمارهن بين ( ١٣- ٥٠ ) عاما. وفي العام ٢٠٢١، سجّل إقليم كوردستان ( ٤٥ ) حالة جريمة قتل نساء – مقابل( ٢٥ ) حالة في العام ٢٠٢٠ – بحسب آخر الإحصاءات الرسمية التي أوردتها وكالة فرانس برس. وبحسب أحصائية أوردتها صحيفة ( آوينه الالكترونية – باللغة الكوردية ) يوم ٣٠ / ٦ / ٢٠٢٤ بانه، وحتى هذا التأريخ، تم الابلاغ عن ثلاثين حالة قتل أو انتحار للنساء في مناطق الإقليم المختلفة.

وأخيرا أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً حساساً حول وضع المرأة في إقليم كوردستان، قالت فيه إنه على الرغم من أن حكومة إقليم كوردستان تريد أن تصبح حكومة ذات طابع حداثي، إلا أنها فشلت في حماية حقوق المرأة، وتدين المنظمة مواقف بعض القضاة الذين يصدرون قرارات تصب في صالح الرؤية والمصالح الذكورية، مما يدفع بالنساء الى العزوف عن مراجعة المحاكم .

أما بخصوص العراق فتقول المنظمة: (وفي العراق، البلد الذي يبلغ عدد سكانه ٤٣ مليون نسمة، وهو مجتمع تسود فيه العادات والتقاليد الرجعية وتهيمن عليه الثقافة الذكورية، لا تزال حقوق المرأة موضع نقاش في بلد يشهد أيضا الزواج المبكر والزواج القسري الاقتصادي). وقد تم تسجيل( ١٣٨٠٠) شكوى تتعلق بالعنف الأسري في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام وحده، ٧٣٪ بالمئة منها تتعلق بالنساء، بحسب وزارة الداخلية في بغداد. وفي عام ٢٠٢٢، سجلت المحاكم العراقية نحو (٢١٦٠٠) شكوى عنف، ٨٠ ٪بالمئة منها تتعلق بالنساء.

الصورة اعلاه التقطت من الجو يوم ١٧ / ٥ / ٢٠٢٤ للجزء المنسي من مقبرة سيوان في السليمانية والمخصص لضحايا جرائم ” الشرف” يلاحظ فيها نمو الأعشاب وتراكمها على هذا الجزء مما يخفي حتى شواهد القبور.

عن Albadeel Alsheoi

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

جماهير منطقة المعامل قادرة على التغيير في حال نظمت نفسها وكانت كتلة بعيدة عن احزاب وقوى النظام

التقت جريدة الغد الاشتراكي الرفيق علي شياع احد ابرز قادة الاحتجاجات في منطقة المعامل وعضو ...

لنقف صفا واحدا من أجل إفشال محاولات تعديل قانون الأحوال الشخصية

انهى البرلمان في العراق يوم الاحد 4/ 8/ 2024 القراءة الأولى لمشروع تعديل قانون الأحوال ...

الإسلام السياسي واغتصاب الاطفال

  في العام 1959 انجز العراق قانون الأحوال الشخصية ذي الرقم 188، وهو أحد أكثر ...

التعديل الرجعي لقانون الاحوال الشخصية؛ هدية الامبريالية الامريكية وحلفائها الاسلاميين للمرأة في العراق

مؤيد احمد ان تيارات واحزاب الاسلام السياسي الحاكمة في العراق تؤكد ضمن ما تؤكد على ...

عاملات الفنادق صورة عن قرب

لقاء اجرته (اقبال صلال)  لجريدة الغد الاشتراكي كان لي لقاء مع إحدى العاملات في الفنادق ...