مخططات القوى المرتبطة بالنظام لا يمكنها سد الطريق امام تطور النضال الطبقي في العراق

ان اهداف الحركة الاحتجاجية المستمرة لجماهير العمال والكادحين والشبيبة والطلبة والمرأة المضطهدة في العراق  كانت ولا تزال هي إحداث تغيير جذري في مجمل الوضع القائم الذي تعاني هذه الجماهير في ظله من البؤس الاقتصادي والبطالة والقمع والتمييز. والخطوة الأولى في تحقيق هذا الهدف هو فرض مطالبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية على النظام السياسي القائم وتقوية النضال السياسي من اجل انهاء النظام.

لم تهدأ الحركة الاحتجاجية في مختلف انحاء العراق، منذ ان تمكنت قوى الثورة المضادة على انهاء انتفاضة اكتوبر 2019، انما نلمس يوما بعد اخر ازدياد رقعة الاحتجاجات وانضمام شرائح جديدة لها، ففي ظل تفشي البطالة في اوساط الشابات والشباب، والتردي المستمر للخدمات المقدمة للمواطنين، والتضييق المتواصل على الحريات، وانتهاج النظام لسياسة اقتصادية نيو ليبرالية تعمق من الاستقطاب الطبقي داخل المجتمع، كل هذا يفاقم من الظروف الموضوعية التي انطلقت على اساسها انتفاضة اكتوبر، ويجعل من البلاد ساحة لمختلف اشكال الاحتجاج والتظاهر في الحاضر والمستقبل.

ما نراه اليوم هو انه مع التصاعد في زخم الاعتراضات الجماهيرية، تعمل قوى واحزاب النظام، على احتواء اي تحرك قد يهدد وجودها، وغالبا ما تستخدم القمع كما حدث مع  المهندسين المطالبين بالتعيين في محافظة البصرة، او عمليات الاعتقال والضرب التي شنتها قوات الشغب بحق المتعاقدين مع الشركات النفطية المطالبين بالتثبيت على الملاك الدائم، في مدينة الناصرية في الثاني من شهر حزيران الجاري، وعشرات الحالات الاخرى التي تمارس من خلالها اجهزة النظام الامنية القمع بحق المعترضين وهي مستمرة بذات الاساليب لغاية الان.

تستخدم قوى النظام مختلف الوسائل في الالتفاف على مطالب الفئات الاجتماعية المطالبة بحقوقها، ومن هذه الأساليب الدعوات التي تطلقها تيارات وشخصيات من داخل النظام السياسي، وهي تدعو إلى توفير الخدمات ومحاربة الفساد، وهي أساسا جزء من منظومة النهب، وتتبنى ذات السياسة الاقتصادية التي افقرت غالبية المجتمع، وهذا الأسلوب ليس بجديد انما ومنذ احتجاجات شباط في ٢٠١١ مرورا باحتجاجات ٢٠١٤ و ٢٠١٥ و٢٠١٨ وصولا إلى انتفاضة أكتوبر، ساهمت قوى من داخل النظام مثل التيار الصدري وغيره إلى ركوب هذه الاحتجاجات والسيطرة عليها، ومن ثم الاجهاز عليها بحجة المطالبة بالإصلاحات، مثل محاربة الفساد وتوفير الخدمات وما إلى ذلك. وما حقيقة رفع هذه المطالبات من قبل قوى النظام سوى كونها وسيلة تستخدمها هذه القوى في الصراعات الجارية داخل ذات النظام من أجل تحقيق أهداف محددة، ولتحقيق هدفها الأول وهو اجهاض اي فعل ثوري للتغير.

ان دروس  انتفاضة أكتوبر كثيرة وهي مليئة بالتجارب التي لا بد وان تتعلم منها الحركة الاحتجاجية الحالية، اذا ارادت ان تنجح و تنتصر، واولى هذه التجارب هي ضرورة فصل صف  القوى الجماهيرية المنتفضة والمحتجة عن صف قوى النظام، سواء كانت في الحكم او في  المعارضة الشكلية بوجه النظام.  

تأتي اليوم دعوات من أحد رجال الدين وهو حميد الياسري القيادي في الحشد الشعبي، مطالبا بمحاربة الفساد وتوفير الخدمات، كما يدعو لإرسال حاكم عسكري إلى محافظة المثنى،  ومن ثم التراجع عن هذه المطالب متذرعا باتفاقه مع رئيس الوزراء لتحقيقها. وهذه الدعوات والمناورات الصادرة من داخل نظام المحاصصة، انما هدفها الأساسي كما هو حال سابقاتها، قطع الطريق أمام تطور اية حركة احتجاجية ثورية، خصوصا وأن الظروف مهيأة لتبلور حركة احتجاجية شاملة مع تزايد نسب البطالة وتردي الخدمات الصحية والتعليمية العامة وارتفاع نسب التضخم واستمرار مشكلات الكهرباء والماء وغيرها من الخدمات الاخرى. 

ان الدعوات التي اطلقها حميد الياسري للمجيء بحاكم عسكري انما هدفها ترسيخ الفاشية، فالحاكم العسكري يعني بالمحصلة النهائية قمع اي تحرك اجتماعي معارض يخالف توجهات هذا الحاكم والنظام ، ويجب الوقوف بوجه مثل هكذا دعوات رجعية بكل قوة وفضحها على مختلف الصعد.

 لقد صارت مسألة فصل صفوف العمال والكادحين والمعطلين والشبيبة والنساء وكل الساعين للتحرر والمعترضين على بقاء هذه القوى، امرا في غاية الاهمية لنجاح اية هبه جماهيرية او اعتراض اجتماعي مطالب بفرص العمل او الخدمات وتحقيق المطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، لان التعويل على قوى النظام في أحداث تغيير يصب في مصلحة الجماهير، لم ولن يكن سوى وهم أثبتت التجارب، إنه يطيل من عمر النظام، كما أنه يفاقم من معاناة وبؤس الجماهير.

 نحن في منظمة البديل الشيوعي في العراق نناضل مع الجماهير المعترضة بمختلف شرائحها، من أجل نيل حقوقها، ونقف وندعم ونناضل وسط الجماهير الساعية للخلاص من القوى الاسلامية والقومية المتحكمة بمصير المواطنين، كما نقف بالضد من اية دعوات تحرف مسار الخط الاحتجاجي الثوري وتقف عائقا أمام تطوره.

منظمة البديل الشيوعي في العراق

10/ 6/ 2024

عن Albadeel Alsheoi

2 تعليقات

  1. ليس هذه الجماهير وانما هذا الجمهور

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

جذور الفاشية المعاصرة في إسرائيل

نادر عبدالحميد لا يمكن النظر إلى حرب نتنياهو ضد المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة على ...

جماهير منطقة المعامل قادرة على التغيير في حال نظمت نفسها وكانت كتلة بعيدة عن احزاب وقوى النظام

التقت جريدة الغد الاشتراكي الرفيق علي شياع احد ابرز قادة الاحتجاجات في منطقة المعامل وعضو ...

لنقف صفا واحدا من أجل إفشال محاولات تعديل قانون الأحوال الشخصية

انهى البرلمان في العراق يوم الاحد 4/ 8/ 2024 القراءة الأولى لمشروع تعديل قانون الأحوال ...

الإسلام السياسي واغتصاب الاطفال

  في العام 1959 انجز العراق قانون الأحوال الشخصية ذي الرقم 188، وهو أحد أكثر ...

التعديل الرجعي لقانون الاحوال الشخصية؛ هدية الامبريالية الامريكية وحلفائها الاسلاميين للمرأة في العراق

مؤيد احمد ان تيارات واحزاب الاسلام السياسي الحاكمة في العراق تؤكد ضمن ما تؤكد على ...