بمناسبة الثامن من آذار،
نستقبل الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، هذا العام، في اوضاع استمرار جرائم حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد سكان غزة والتي أودت بحياة عشرات الآلاف معظمهم نساء وأطفال. وقد اثارت هذه المجازر غضب واحتجاج عشرات الملايين من التحررين ومحبي الانسانية في جميع انحاء العالم رافعين اصواتهم لإيقافها الفوري والدائم.
ان النساء في العراق مازلن يعانين الأشد، في ظل حكم الميليشيات والنظام الإسلامي الطائفي والقومي القائم، وسيادة القيم والقوانين البطريركية والدينية والعشائرية. فما تزال تُرتكب يوميا جرائم القتل والعنف والأذى الجسدي والنفسي والتميز ضدهن والاتجار بهن، ويفرض عليهن تعدد الزوجات، ويجري منعهن من إكمال التعليم، والقيام بالعمل خارج المنزل، كما يفرض الفصل بينهن وبين الذكور في المدارس والجامعات.
وكلما اقدمت المرأة في هذا البلد على مقاومة الاضطهاد والظلم الذي يُمارس ضدها، او ناضلت لنيل حقوقها وحرياتها ومساواتها، او سعت لإطلاق طاقتها وابداعاتها، عبر مقاومة فردية او نضال جماعي منظم، يواجهها جيش من الذكوريين وأصحاب الفتاوي الاسلامية والعشائريين، وصف عريض من القوى الميليشية والمؤسسات والهيئات الحكومية التابعة للأحزاب الحاكمة، لكسر عزيمتها ونضالاتها.
هذا، وبدأت الميليشيات والأجهزة القمعية الحكومية التي يديرها هذا او ذاك من أحزاب الإسلام السياسي، منذ فترة ليست بالقصيرة، بتشديد هجماتها على المنظمات النسوية المدافعة عن حقوق وحرية المرأة، بذرائع واهية شتى، وتضيق الخناق عليها وتمنعها حتى من انقاذ وايواء المعنفات والمهددات بالاتجار والقتل.
إن سنوات طوال من النضال النسوي لتحقيق مطالب، مثل إقرار قانون يوفر الحد الأدنى من الحماية من العنف الاسري، ومعاقبة المجرمين بحق المرأة، وعدم حرمانها من رعاية الطفل، ومنع تزويج الصغيرات، ومنع تعدد الزوجات، وغيرها من المطالب، لم تصل الى اية نتيجة.
بالإضافة الى ذلك، في بلد تحكمه قوى فاسدة، تحتكر ثرواته وتنهبها وتتقاسمها وفق المحاصصة القومية والطائفية، وتنفذ السياسات الاقتصادية الرأسمالية النيو ليبرالية بشراسة، ووفق استراتيجية وسياسة البرجوازية الامبريالية العالمية ومؤسساتها، كصندوق النقد والبنك الدوليين، فان النساء تعيش في خضم تفاقم ازمة اجتماعية واسعة في البلاد، وتعاني معظمهن من البؤس الاقتصادي والبطالة والتهميش الاجتماعي وقلة فرص التعليم امامها.
غير ان جيلا واسعا من الشابات في عموم العراق سلكن طريقهن، وسط هذه الأوضاع، الى سوق العمل بحثا عن إيجاد مورد عيش وعمل لتامين استقلالهن الاقتصادي، وبالأخص في قطاع الخدمات والأسواق والمولات والشركات الاهلية ومؤسسات الدولة المختلفة. وقد بادرت الخريجات من مختلف الجامعات والمعاهد بالبحث عن العمل في مجال التعليم، وفي القطاعين الحكومي والخاص، وهن يشاركن بشكل فعال في التظاهرات العمالية لتحقيق مطالبهن في التعيين وفرص العمل. فقد شاركت ولاتزال الموظفات والعاملات، والمحاضرات العاملات بالمجان، والكادر التعليمي والتدريسي النسوي، بشكل كبير ومؤثر في تظاهرات عمال الأجور والمحاضرين وحركة تعديل سلم الرواتب.
وفي إقليم كوردستان، فان المشاركة الفعالة للكادر التعليمي النسوي في احتجاجات المعلمين الحالية، وقبلها مشاركة الموظفات والعاملات في مجمل احتجاجات العمال والموظفين بخصوص صرف الرواتب، تشكل ظواهر بارزة في هذه الحركات. هذا، وان الدور الطليعي للطالبات في الحركة الطلابية واحتجاجاتها لنيل حقوقها وحرياتها ليست خافية على احد في هذا الإقليم.
ان مجمل هذه الدينامية الاجتماعية لمشاركة النساء، وبالأخص الشابات منهن، في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والدراسية والفكرية، وانخراطها الفعال في الاحتجاجات والاضرابات العمالية المتواصلة في البلاد، وانفتاح الشابات من مختلف الطبقات الاجتماعية على الثقافة العصرية المتمدنة عبر الانترنيت، وتنامي ثقافة النقد بوجه ما هو جامد وقروسطي وفاسد، فقد انعكس كل ذلك في انبثاق وتبلور ثقافة نسوية تحررية ونضالية عمالية، بموازاة الثقافة والقيم البطريركية والأيديولوجيا الذكورية السائدة.
يعتمد مستقبل الحركة النسوية التحررية وتطورها المقبل في عموم العراق، الى حد كبير، على تلك الفئات الشابة من النساء العاملات وكذلك المعطلات عن العمل والطالبات ونضالاتها النسوية. وهذا ما يجعل من أولويات التيار الماركسي والحركة النسوية البروليتارية الاشتراكية تقوية وتنظيم نضال هذه الفئات والطيف الواسع من الشابات المتطلعة الى الحرية والمساواة.
في النضال لإيجاد التغيير الثوري في المجتمع وتغيير توازن القوى الطبقي لصالح الطبقة العاملة والمفقرين والمضطهدين، بوجه البرجوازية ونظامها السياسي، ولتحقيق مطالبهم واهدافهم التحررية والاشتراكية، فان تنامي حركة نسوية تحررية مقتدرة، بالتزامن مع الحركة العمالية الصاعدة في العراق، يشكل محورا رئيسيا ليس لنهوض النضال النسوي التحرري على صعيد المجتمع فحسب، بل ايضا لتطور الحركة العمالية الحالية بشكل اشمل واحداث التغيير الجذري والثابت لصالح الشغيلة والنساء والتحررين.
في الثامن من آذار، فلنوحد نضالنا:
لبناء حركة نسوية تحررية مقتدرة بالتزامن مع تصاعد الحركة العمالية الحالية
• .لتطوير الحركة البروليتارية النسوية الاشتراكية
• لتقوية النضال السياسي الثوري، على أساس طبقي عمالي مستقل، لإنهاء النظام القائم، ولتحرر المرأة وتحقيق مساواتها
• لتحرير المرأة من كل القيود والممارسات الرجعية التي تحرمها من حقها في الحياة وتحد من حريتها وخياراتها الشخصية ونشاطاتها الاجتماعية.
• لإيقاف هجمات السلطات على المنظمات النسوية المدافعة عن حقوق وحريات المرأة
لتحقيق جميع مطالب الحركة النسوية التحررية، بخصوص مشاريع قوانين، مُدافعة عن حقوق وحرية المرأة ومساواتها مع الرجل.
• لإنهاء فوري ودائم لحرب إسرائيل الاجرامية في غزة، والتضامن مع النضال النسوي التحرري في فلسطين
ان منظمة البديل الشيوعي في العراق تهنئ النساء في العراق والعالم بالثامن من آذار، يوم نضال المرأة العالمي، وتهنئ المرأة العاملة والمضطهدة في البلاد ومن مختلف الجنسيات بهذا اليوم، وتناضل بثبات وبحزم من اجل تحرر المرأة وتحقيق مساواتها.
عاش الثامن من آذار
عاشت الاشتراكية
منظمة البديل الشيوعي في العراق
23 شباط 2024